ذكريات شيخين

ذكريات شيخين
موقع البردوني - ديوان مدينة الغد

ديوان مدينة الغد >  ذكريات شيخين

كان يا “عمرو” هنا بيت المرح
زنبقي الوعد صيفي المنح

الطيوف الحمر والخضر على
مقلتيه كعناقيد البلح

أشمست فيه الليالي… والمدى
بثريات دواليه اتشح

كان مضيافاً إذا ما جئته
شع كالفجر وكالورد نفح

فانمحى: يا للتلاقي بعدما
نزح الرواد عنه ونزح!

* * *
يا ترى من أين تمشي؟ هًهُنا
قام حي وهنا أرسى مصح

وعهدنا منزلاً قزماً هنا
من ترى عملقة حتى طمح؟

واستراحت هًهُنا مقبرة
قرب العمران منها فاكتسح

ووراء السور أرسى مصنع
وهناك امتد سوق وانفسح

أين نحن الآن؟ وأرى عهدنا
وجهة وانطفأت فيه اللمح

أنكر(النهرين) وجهينا ومن
قبلة أنكرنا (باب السبح)

من يقوينا وكنا زمناً
كبغال (الروم) أو خيل(جمح)

***
هًهُنا نجلس يا (عمرو) نرى
ما اقتنى التاريخ من واطرح؟

خط آثار خطانا زمن
بيديه وبرجليه مسح

فانحنى (عمرو) وقال: أذكر لنا
يا (علي) الأمس وأترك ما اجترح

أمسنا كان كريماً معدماً
وزمان اليوم أغنى وأشح

كيف كنا ننطوي خلف اللحى
ونواري من هوانا ما افتضح

يوم أعلت (روضة) برقعها
واستجدنا ما اختفى مما أتضح

أطعمتنا.. وألحت في النوى
عن يدينا وتشهينا ألح

فترددنا على جار لها
نشتري التبغ ونظري ما أمتدح

وأطلت ذات صبح مثلما
يرتدي صحو الربى (قوس قزح)

فارتعشنا وانجلت دهشتنا
ثم أومأنا إليها بالسبح

فاقتفتنا وتركنا للهوى
كل أمر وأطعنا ما اقترح

ومضى عامان لا ندري متى
جد حادي العمر أو أين مزح؟

كيف كنا قبل عشرين نعي
همسة الطيف وإيماء الشبح

ونغني كالسكارى قبل أن
يعد العنقود أشواق القدح

ثم أصبحنا نشازاً صوتنا
في ضجيج اليوم كالهمس الأبح

كل شيء صار ذا وجهين لا
شيء يدري أي وجهيه أصح؟

يا (علي): أنظر ألاح المنتهى
لا انتهى المسعى ولا الساعي نجح!

لم نعد نهنأ ولا نأسى ذوت
خضرة الأنس خبت نار الترح

أو خبا الحس الذي كنابه
نطعم الحزن ونشتم المرح

لم يعد شيء كما نألفه
فعلام الخزن أو فيم الفرح؟

***
دخلت (صنعاء) باباً ثانياً
ليتها تدري إلى أين افتتح

أبريل سنة 1967م