عائد
ديوان مدينة الغد > عائد
من أنتَ، واستبقت جوابي
لهب، يحن إلى التهاب
من أنت، عزاف الأسى
والنار قيثار العذاب
وعلى جبينك، قصة
حيرى، كديجور اليباب
وخواطر، كهواجس الافلا
س، في قلق المرابي
وانا اتدري: من أنا؟
قل لي،وأسكرها اضطرابي
سل تمتمات العطر: هل
(نيسان) يمرح في ثيابي؟
من هذه؟ أسطورة الـ
أحلام، أخيلة الشهاب
همساتها، الخضر الرقاق
أشف من ومض السراب
إني عرفتك كيف أفرح؟
كيف أذهل عن رغابي؟
من أين أبتدىء الحديث…؟
وغبت في صمت ارتيابي
ماذا أقول، وهل أفتش
عن فمي، أو عن صوابي
من أنت، أشواق الضحى
قبل الأصيل، على الهضاب
حلم المواسم، والبلابل
والنسيمات الرطاب
أغرودة الوادي، نبوغ العنـ
دليب… شذى الروابي
وذهول فنان الهوى
ورؤى الصبا وهوى التصابي
وهج الأغاني، والصدى
حرق المعازف، والرباب
لا تبعدي: أرست على شطآ
نك النعسى، ركابي
فدنت تسائل من رفاقي
في الضياع؟ ومن صحابي؟
هل سآءلتك مدينة
عني؟ وسهدها مصابي
كانت ترى نكبات أهلي
في شحوبي واكتئابي
فتقول لي: من أين أنت؟
وتزدريني، بالتغابي
أنا من مغاني شهرزاد
إلى ربى، الصحو انتسابي
بي من ذوائب (حدة)
عبق السماحة والغلاب
وهنا أصخت ووشوشا
ت (القات) تنبي باقترابي
وأظلنا جبل ذراه
كالعمالقة الغضاب
عيناه متكأ النجوم
وذيله، طرق الذئاب
فهفت إلي مزارع
كمباسم الغيد الكعاب
وحنت نهود الكرم
فاسترخت للمسي واحتلابي
وسألت (ريا) والسكو
ن ينث وهوهة الكلاب
ماذا؟ أينكر حينا
خفقات خطوي وانسيابي؟
انا تلاقينا… هنا،
قبل انتظارك… واغترابي
هل تلمحين الذكريات
تهز أضلاع التراب؟
وطيوف مأساة الفراق
تعيد نوحك وانتحابي
والأمس يرمقنا وفي،
نظراته خجل المتاب
كيف اعتنقنا للوداع
وبي من اللهفات ما بي؟
وهتفت: لا تتوجعي
سأعود، فارتقبي… إيابي
ورحلت وحدي، والطر
يق دم، وغاب، من حراب
فنزلت حيث دم الهوى
يجتر، أجنحة الذئاب
حيث البهارج والحلي
سلوى القشور عن اللباب
فترين ألوان الطلاء
على الصدوع، على الخراب
والتسليات، بلا حساب
والملال، بلا حساب
والجو محموم، يئن
وراء جدران الضباب
كم كنت أبحث عن طلابي
حيث ضيعني طلابي
واليوم عدت، وعاد لي
مرح الحكايات العذاب
ما زلت أذكر كيف كنا
لا ننافق، أو نحابي
نفضي بأسرار الغرام
إلى المهبات الرحاب
والريح تغزل من زهو
ر (البن)، أغنية العتاب
فتهزنا أرجوحة
من خمرة الشفق المذاب
وكما تناءينا التقينا
نبتدي صفو الشباب
ونعيد تاريخ الصبا
والحب، من بدء الكتاب
أترين: كيف اخضوضرت
للقائنا مقل الشعاب؟
وتلفت الوادي إليك
وهش، يسأل عن غيابي
ما دمت لي فكويخنا
قصر، يعوم على السحاب
والشهب بعض نوافذي
والشمس، شباكي وبابي
صنعاء سبتمبر 1963م