للشوق زمانٌ آخر

للشوق زمانٌ آخر
موقع البردوني - ترجمة رملية لأعراس الغبار

ديوان ترجمة رملية لأعراس الغبار >  للشوق زمانٌ آخر

للشوق زمانٌ آخر

هنا تدخل الشمس مِن كل ثقبٍ
وتحت أديمي ليالي الشِّتا

ويلبسني عري هذا الجدار
كما يلبس الميِّتُ الأموتا

وينهشني صوت أُمِّي العقيم
ويوهمني أنَّهُ ربَّتا..

وكان يُفتِّت بعضي ببعضٍ
ويُطعمني بعض ما فتَّتا

ويزقو كعصفورةٍ في الوثاق
ترى حولها خنجراً مُصلتا

ويسألني البرد والخوف عن
نهاري، فأرجو بأن يسكتا

لأن بقلبي زماناً يلوح
وينأى، ويدنو لكي يُفلِتا

وخبتأ مِن الشوق تطهو النجوم
لأشباحِه وجهَ مِن أخبتا

وصمتاً يصوِّتُ مِن داخلي
وأستفسر القفر: مَن صوَّتا؟

* * *

أحسُّ دويّاً تجاوبتَ أنت
أصحتُ وأذناي لي أصغتا؟

لذا الصوت شمٌّ بلا اسمٍ لهُ
صدىً يذهل النعت أن يَنعتا

له نكهَةٌ كغموض المصير
كتلٍّ على المنحنى نكَّتا

كدربٍ نوى يسبق العابرين
تنادى، ورجلاه ما لبَّتا

كمشمشةٍ بكَّتت عرقها
أرادت، وأغفى الذي بكَّتا

* * *

إلى الصمت أرتدُّ، أنحلّ فيهِ
ولايأذن الصمت أن أصمتا

فأُضغي هناك إلى جنَّتين
أحسهما داخلي غنَّتا..

إلى هاتفٍ، كَسُرى نجمتين
على حُلم زيتونةٍ رفَّتا

* * *

وأدخل حين تنام الغصون
إلى الجذع، أشتُّ ما بيَّتا

إذا صرتَ باباً، أتنسى الجذور؟
ألا تذكر الصخرة المنحتا

سأنجرُّ مِنْ عنَت العاصفاتِ
برغمي، لكي أحرس الأعنتا

وأمسي خفيراً لبيتٍ هناك
وللطير كنتُ هنا أبيُتا

* * *

وياقات: مَن أول القاطفين؟
سدىً خضرتي، واسم مَن قوَّتا

أخافُ يكون الجنينُ الذي
سيحبو، كجد الذي أسنتا

اللِقات حسٌّ بأهل الحمى؟
على مَن حنا، وبمن أشمتا

* * *

هنا أدخل الريح مِن إبطها
وأوصي المهبَّات أن تخفُتا

أتى سيء الصيت فلتحذروهُ
أتى يبتغي الأعنفَ الأصيَتا

فأيُّ مباغتةٍ تحتشدون؟
تنحَّوا، أرى برقُه أبغتا

لقد أزغبت بنت “عشتار” فيهِ
وأُختا “سهيلٍ” بهِ أومَتا

* * *

نسيتُ الكتاب اهدئي يا رياح
أُريد الكتاب الكتاب الكتا…

ستتلو الندى، تكتب الياسمينَ
وتبدي الذي رام أن يكبتا

أتسري: إلى أي مستقبَلين؟
أقدَّامي اثنان؟ واويلتا..

وأخشى تكون الرياح اثنتين
كريحين قبلهما ولَّتا..

فتحتَ مطلاًّ علي كل غيبٍ
وأغلقتَ مِن خلفك الملفتا

* * *

زماني رحيلٌ إلى وعد شعرٍ
سيأتي، ولهوٌ بشعرٍ أتى

وهزءٌ، بمن سوف يعتو غداً
لأني تعلَّمت ممن عتا..

* * *

توحّدتُ بالعالَم المستحيل
لأجتاز ذاتي، ومَن ذيَّتا

هناك يرى الحب، ماذا يُحبُّ
ولايملك المقت، أن يَمقُتا

* * *

زماني حنينٌ ليوم مضى
لمجنى غدٍ قبل أن يَنبُتا..

لِطَيفٍ مِن الأمس يرتدُّ طفلاً
لِحُلمٍ مِن اليوم يبدو فتى

لمحبوبةٍ وعدت أن تجيء
وجاءت لِماماً، ولكن متى؟

أحبَّتكَ شيناً وعيناً وراءً
وأحببتَ باءً ونوناً وتا…

* * *

أما يرسم القلب تأريخهُ؟
مراياه تمحو الذي أثبتا

فلا تبتدي الجمعةُ السبتَ فيهِ
لأن الخميسَ به أسبتا
* * *

كما الساعة الآن؟ فاتت عصورٌ
وعادت، ولا مرَّ مَن فوَّتا

أما كتكتت ساعةٌ في الجدار؟
جدارٌ بلا ساعةٍ كتكتا

* * *

ألِلشَّوقِ وقتٌ سوى شوقهِ
وأغبى مِن الوقت مَن أقَّتا

أأصغَى لهذا المغنِّي سواهُ؟
فمن ذا تغنَّى ومَن أنصتا؟

(فبراير 1981م)

* * *