زمان بلا نوعية

زمان بلا نوعية
موقع البردوني - زمان بلا نوعية

ديوان زمان بلا نوعية >  زمان بلا نوعية

أنوي أعب الكأس، يدنو شهيد
يصدني، أنوي، ينادي فقيد

يباغت الرعب الذي لم يعد
فيبعد الأدنى، ويدنو البعيد

تجيء كالأمواج، أيدي الربى
ترتد أوجاعاً حنيناً شريد

تأتي حصى الأجداث، ترنو كما
يرنو إلى المقتول، قتل جديد

***
الكأس تمسي في يدي أيدياً
ملامحاً، أعرفها، أستعيد

هذا قذال مده (مأرب)
وذاك وجه، لوحته (زبيد)

هذا محيا (مرشد) هذه
بنان (مسعود) ذراعا (سعيد)

هذا جبين (الآنسي) هذه
أهداب (سعد) أنف (عبد الحميد)

كانوا فرادى،فالتقوا في الردى
لكي أرى الموت الحبيب الوحيد

***
يا كأس هل أحسو؟ حذار احترق
إشرب إلى أن تنطفى يا بليد

لا ترتشفها، لست من أهلها
ذقها، إلى كم أنت صاد وحيد

تخضر في كفي، كجمر الهوى
تحمر كالسكين، فوق الوريد

تعرى إلى سرتها، ترتدي
كهفين، تبدو، ذات أصل مجيد

تهتز كالعنقود، تدعو فمي
تفتر، خذ يا جرة من جليد

***
فتغتلي في داخلي (كربلا)
نصفي حسيني، ونصفي يزيد

أمشي كجيد وحده لحظة
ولحظة رأسين من غير جيد

***
يا كأس لا أسوى جناك ابعدي
إني كما تحكين وغد عنيد

أريد ماذا؟ يا زماناً بلا
نوعية، لم يدر ماذا يريد

يدل فخذاه يديه، يرى
أخشاب عينيه بأذني ( لبيد)

بلا أب يبدو، بلا ابن وفي
عينيه يدمى باحثاً عن حفيد

يمضي ولا يمضي، ويأتي ولا
يأتي، يولي ثم يبدو وليد

تقول يعطي كل شيء؟ نعم
لكن أعند الزيف شيء مفيد؟

***
ماذا جرى؟ عهد “الرشيد” انتهى
واحتل (مسرور) محل (الرشيد)

حلت محل القبضتين العصا
كانت عصا، صارت يداً من حديد

والآن باسم الشعب، عنه نرى
نحيي بقانون، بثان نبيد

نغير الألوان، هذا بذا
نستبدل الأعياد، عيداً بعيد

هذا قرار ما له سابق
من نوعه، من كل نوع فريد

***
وقتاً وتعتاد الجماهير من
جاؤوا، وتنسى كلمات النشيد

ترى كأحلام، بلا أعين
كأعين في وجه حلم بديد

***
يتلو نبوءات القبور الصدى
يميع كالملح العرين الشديد

تمشي البراكين بلا ضجة
ويحرق الثلج الغبار الزهيد

***
هل جد شيء؟ غير أن المنى
كانت وعوداً، فاستحالت وعيد

وكان يدري العبد مأساته
واليوم لا تدري، عبيد العبيد

لأن من قاموا بلا قامة
عن أمر من قاموا؟ يعيش القعيد!

***
تجدرن التاريخ، باع اسمه
أضاعت الأشعار، بين القصيد

لم لا أعب الكأس كالغير؟ ما
جدوى احتراقي؟ أين عني أحيد؟

***
التف من نفسي بنفسي هنا
هناك أعرى كالزقاق المديد

كباب مقهى، كمنى أسرة
من ثلث قرن، في انتظار البريد

***
تمتد فوقي ساحة من مدى
ينجر تحتي، شارع من صديد

يا كأس لو تنسينني أشتفي
هذا أكيد، كل سوء أكيد

1977