حوار جارين

حوار جارين
موقع البردوني - ديوان في طريق الفجر

ديوان في طريق الفجر >  حوار جارين

خطراتٌ وأمنتياتٌ عذارى
جنحت وهمه فرق وطارا

وسرى في متاهة الصمت يشدو
مرة للسرى ويصغي مرارا

ويناجي الصدى ويومي إلى الطيف
ويستنطق الربى والقفارا

وتعايا كطائرٍ ضيع الوكر، وأدمى
الجناح… والمنقارا

ليس يدري أين المصير ولكن
ساقه وهمه الجموح فسارا

وهنا ضج “يامنى” أين نمضي
وإلى زي غايةٍ نتبارى؟

والطريق الطويل أشباح موتٍ
عابسات الوجوه يطلبن ثارا

موحش يحضن الفراغ على الصمت
كما تحضن الرياح الغبارا

تأكل الشمس ظلها في مواميه
كما يأكل الغروب النهارا

* * *

أين يا ليلتي إلى أين أسري؟
والمنايا تهيء الأظفارا

والدجى هاهنا كتاريخ سجانٍ
وكالحقد في قلوب الأسارى

يتهادى كهودجٍ من خطايا
حار هاديه في القفار وحارا

ويهز الرؤى كما هدهد السكير
سكيرةً تعاني الخمارا

والرؤى تذكر الصباح المندى
مثلما يذكر الغريب الديارا

وهي ترنو إلى النجوم كما تر
نو البغايا إلى عيون السكارى

والأعاصير تركب القمم الحيرى
كما يركب الجبان الفرارا
* * *

إيه، يا ليلتي وما أكبر الأخطا
ر قال: لا تحتسبها كبارا!

قال من في الوجود أقوى من الأخطا
ر؟ قال: من يركب الأخطارا!

وتهادى يرجو المفاز وتغشى
دربه غمرةٌ فيخشى العشارا

قلقٌ بعضه يحاذر بعضاَ
ويده تخشى اليمين اليسارا

حائر كالظنون في زحمة الشك
وكالليل في عيون الحيارى

* * *

ولوى جيده فأومى إليه
قبسٌ شع لحظةً وتوارى

فرأى في بقية النور شخصاً
كان يعتاده صديقاً وجارا

قدماه بين التعثر والوحل
ودعواه تقطف الأقمارا

فتدانى من جاره ورآه
مثلما ينظر الفقير النضارا

ودعاه إلى المسير فألوى
رأسه وانحنى يطيل الإزارا

وثنى عطفه وضج وأرغى
وتعالى ضجيجه وأشارا

فانحنى جاره وقال: أجيني
هل ترى صحبتي شناراً وعارا؟

أنت مثلي معذبٌ فكلانا
صورة للهوان تخزي الإطارا

فاطر بهرج الخداع ومزق
عن محياك وجهك المستعارا

كلنا في الضياع والتيه فانهض:
ويدي في يديك نوفع منارا

* * *

قال: أين الهوان؟ فاذكر أبانا
إنه كان فارساً لا يجارى

إننا لم نهن وأجدادنا الفرسان
كانوا ملء الزمان فخارا

إننا لم نهن أما كان جدانا
الحسيبان “حميراً” و”نزارا”

* * *

فانتخى جاره وقال: وما الأجداد؟
سل عنهم البلى والدمارا

فخرنا بالجدود فخر رمادٍ
راح يعتز أنه كان نارا

قد يسر الجدود منك ومني
أن يرونا في جبهة المجد غارا

* * *

وهنا أصغيا إلى أنة الأوارق
والريح تعصف الأشجارا

فإذا بالشروق ينخز في الليل
كما ينخز اللهيب الجدارا

وتمادى الحوار في العنف حتى
أسكتت ضجة الصباح الحوارا

وتراءى الصباح يحتضن السحر
كما تحضن الكؤوس العقارا

وبنات الشذى تحيي شروقاً
شاعرياً يعنقد الأفكارا

والصبا ترعش الزهور فتومي
كالمناديل في زكف العذارى