عازف الصمت

عازف الصمت
موقع البردوني - ديوان في طريق الفجر

ديوان في طريق الفجر >  عازف الصمت

17 ذي القعدة سنة 1382هـ
11 أبريل سنة 1963م

أطلت هنا وهناك الوقوف
تلبي طيوفاً وتدعو طيوف

وفي كل جارحة منك… فكرٌ
مضيء وقلب شجيٌ شغوف

تغني هنا وتناجي هناك
وتغزل في شفتيك الحروف

وتهمس حتى تعير الصخور
فماً شادياً وفؤاداً عطوف

وتعطي السهول ذهول النبي
وتعطي الربى حيرة الفيلسوف

تلحن حتى تراب القبور
وتعزف حتى فراغ الكهوف

وتفني وجوداً عتيقاً حقيراً
ويبني وجوداً سخياً رؤوف

وتغرس في مقلتيك الرؤى
كروماً تمد إليك القطوف

وترنو، وترنو وعيناك شوقٌ
هتوفٌ يناجيه شوقٌ هتوف

وأنت حنينٌ ينادي حنيناً
وألف سؤال يلبي ألوف

ودنياك عشٌ يغني ثراه
فتخضر أصداؤه في السقوف

* * *

وحين تفيق وتفنى رؤاك
وينأى الخيال المريد العزوف

ترى هاهنا وتلاقي هنا
صفوفاً من الوحل تتلو صفوف

عليها وجوهٌ أراق النفاق
ملامحها، وأضاع الأنوف

وقتلى دعوها ضحايا الظروف
وكانوا الضحايا وكانوا الظروف

أكانوا ملاهي صروف الزمان؟
وأولى وأخرى ملاهي الصروف

وتشتم فوق احرار التراب
صدىً غائماً من أغاني السيوف

وتلمح فوق امتداد الدروب
سياط الخطايا تسوق الزحوف

ومقبرةً يظمأ الميتون
عليها ويحسون وعداً خلوف

ومجتمعاً حشرياً يحن
على غير شيء حنين الألوف

ويعدو على دمه كالذئاب
ويلقى الذئاب لقاء الخروف

* * *

ف ماذا هنا من صنوف السقوط؟
أحط الصنوف وأخزى الصنوف

هنا الأرض مستنقع من ذبابٍ
هنا الجو أرجوحة من كسوف

يطبل للخائنين الطريق
كأن حصاه استحالت دفوف