هذا العدم

هذا العدم
موقع البردوني - كائنات الشوق الآخر

ديوان كائنات الشوق الآخر >  هذا العدم

صباح ويزحف بدء المساء
مساء وتعدو جبال الأسى

وتهمى السوافي حصىً أشعثاً
دماً أزرقاً، رمداً أملسا..

فلا الليل يعرف شوق النجوم
ولا اليوم يدري متى أشمسا

* * *

تنام الصبيحات عند البزوغ
وتنسى العشيات أن تنعسا

فلا الصبح صبح ولا الليل ليل،
ترى ذاك أشقى وذا أتعسا

ولا ذاك بدء، ولا ذا ختام،
ولا ذاك أضحى، ولا ذا غسا..

* * *

غبار يولي، غبار يلي
دخان جرى، ودخان رسا

وأرغفة تأكل الآكلين
وأشربة تحتسي من حسا

لأن الأفاعي تبيع الحبوب
لأن الفحيح ارتدى الأكؤسا

* * *

وجثت قذائفهم كل غرسٍ
من الجذر واحتلت المغرسا

لقد أسكنوا القتل كل البقاع
لكي يسكنوا فوقها الأنفسا

* * *

ولا الريب يرتاب فيما يرى
ولا الحدس يرنو لكي يحدسا

ولاعند من قيل عنها عيون
رؤى تهتك اليأس كي ييئسا

* * *

وتلك الكرات التي يمشطون
لماذا يسمونها أرؤسا؟

ولا نبأة عن هنا أو هنا..
ولا في قلوب الثواني عسى

* * *

ولا رجل في جلود الرجال

ولامرأة في جلوب النسا

زحام عليه كساء يلوح
كساء ومافيه غير الكسا

* * *

فللريح أن ترتدي أوجهاً
وللرمل أن يحسن الملبسا

ويجتر كثبانه خلفه..
وباسم الحصى يرأس المجلسا

* * *

وما يمنع الموت أن يستميت
وما يمنع الحزن أن يخرسا

وأن يدخل السوس نسغ الكروم
وأن يسمل العوسج النرجسا

ولا ذاك يدري لماذا استلان
ولا ذاك يدري لماذا قسا

لحرية القحط كل الضجيج..
ولا يملك البرق أن يهمسا

* * *

وكل التزاويق والتسليات
منىً أعنست وهوىً أعنسا

وتلك العمارات بؤس كتيم
بدا في تنكره أبأسا

* * *

إلى أين يا عدماً لا يكل..
ويا مفلسا يرتجي مفلسا؟..

ويا قابض الريح ركب يدين
سوى قبضتيك لكي تلمسا

ويا بارقاً يهجس الغيب فيه
ألا تدخل المحل كي يهجسا؟

1985