بين بدايتين

بين بدايتين
موقع البردوني - زمان بلا نوعية

ديوان زمان بلا نوعية >  بين بدايتين

أمام بداية المطلع
وخلف نهاية المقطع

تموت وتجتدي موتاً
لتفنى فوق ما تطمع

ومثل تسكع الأطياف
تأتي تنثني تقبع

***
تحول تساؤلا يهمي
ومن إحراقه يرضع

لماذا يبرق الأدجى؟
لماذا يخمد الأنصع؟

لماذا أعشب المبكى؟
لماذا أجدب المرتع

لماذا الدر في الأعناق
والأحجار في المقلع؟

وهل هذا سوى هذا؟
من المخدوع والأخدع؟

لماذا أرتجي أمراً
ويأتي عكسه أسرع؟

وأين الفرق بين القبر
والملهى؟ من الأفظع؟

***
هنا تستقبح الأحلى
هنا تستجمل الأشنع

هنا ترقى إلى الأدنى
هنا تهوي إلى الأرفع

هنا تدري متى تبني
هنا تبني الذي تقلع

هنا تدري متى تنهي
هنا تنسى متى تشرع

فترضى كل ما استبشعت
خوف تقبل الأبشع

ولا ترضى الذي ترضى
لأن الموت أن تقنع

إلى ما لا تعي تصغي
إلى ما لا ترى تنزع

***
أمام هواجس المرعى
وخلف روائح المخدع

ونحو بكارة الميلاد
إثر غرابة المصرع

تخوض الرحلة الوجعى
وأنت بعقمها أوجع

***
ومن سد إلى سيف
ومن (أروى) إلى (تبع)

ومن خيل إلى ليل
ومن رمح إلى مدفع

ومن بحر إلى رمل
ومن ريح إلى أربع

تشق فواجع الأخطار
خلف تلمس الأفجع

وراء الأعنف الأقسى
لأن الأعنف الأمتع

***
وتجتاز الذي تخشى
ولا تلقى الذي ينفع

كنهر قبل أن يلقى
مصباً يرحل المنبع

لأن الشمس في عينيك
تجني غير ما تزرع

تضيع الليلة الأولى
وتأتي الليلة الأضيع

وبين الحلم واللاحلم
يسري وحده المضجع

ويأتي وحده الغافي
على الطيف الذي أقلع

فتنسى وضعها الأوضاع
لا تخبو ولا تلمع

ويرخي الصمت رجليه
على عكازه يركع

فتمضي المنية الشعثا
ويأتي الخاطر الأصلع

***
ومن بدء بلا بدء
تطل إثارة أبرع

فتعطي وجهك المرقى
ويعطيك الذي يخلع

***
فلا يأتي الذي يأتي
ولا يمضي الذي ودع

أراحت نفسها الأوقات
لا تأتي ولا ترجع

ولا تبدي ولا تخفي
ولا تهنا ولا تجزع

فلا يحكي الذي يحكي
ولا يصغي الذي يسمع

ولا يشدو الذي يشدو
ولا يبكي الذي يدمع

***
وأنت هناك لا تعيا
ومثل الريح لا تهجع

تجيئ بداية روعى
تعود بداية أروع

تغني تمتطي موتاً
بديعياً إلى الأبدع

فبراير1979م