في الجراح

في الجراح
موقع البردوني - ديوان في طريق الفجر

ديوان في طريق الفجر >  في الجراح

28/11/1382ه
22/4/1963م
وحدي وراء اليأس والحزن
يجترني محنٌ إلى محن

وطفولة الفنان… تذهلني
عن ثقل آلامي وعن وهني

فأنا طفل بدون صباً
واليأس مرضعتي ومحتضني

وعداوة الأنذال تتعبني
وتغسل الأدران بالدرن

وتفوح جيفتها هنا وهنا
كالريح في المستنقع النتن

وتغيب عن دربي… وأعينها
في الدرب غابات من الإحن

وعداي أقزامٌ… يخوفهم
صحوي ويرتاعون من وسني

ما خوفهم مني؟ وما اقترنت
بالحقد أسراري ولا علني

خافوا لأن الشر مهنتهم
وأنا بلا شرٍ بلا مهن

ولأنني أدري نقائصهم
ولأنهم خانوا ولم أخن

ولأنهم باعوا عروبتهم
وعلوت فوق البيع والثمن

ورضيت أن أشقى وأسعدهم
وهج الوحول وزخرف العفن

* * *
أحيا كعصفور الخريف بلا
ريشٍ، بلا عشٍ بلا فنن

أقتات أوجاعي وأعزفها
وأشيد من أصدائها سكني

وأتيه كالطيف الشريد بلا
ماضٍ، بلا آتٍ، بلا زمن

وبلا بلاد: من يصدقني؟
إني هنا روح بلا بدن

من ذا يصدق أن لي بلداً
عيناه من حرقي ولم يرني؟

وأنا هنا أرضعت أنجمه
سهدي ووسد ليله شجني

أأعيش فيه وفوق تربته
كالميت الملقى بلا كفن؟

وولائدي بسفوحه نهرٌ
ومشاعل خضرٌ على القنن

ماذا؟ أيدري إخواتي وأبي
أني يمانيٌ بلا يمن؟

هل لي هنا أو هاهنا وطنٌ؟
لا، لا: جراحي وحدها وطني