الديار الوافدة إليها

الديار الوافدة إليها
موقع البردوني - ديوان جواب العصور

ديوان جواب العصور >  الديار الوافدة إليها

كما يقرأ الفجرُ الربيعَ المضمَّخا
تجيء يارُ الحلم أسخى مَنْ السَّخا

يقال مَنْ (الّلا أينَ) تستفتح المدى
كما تَرْعَشُ الأنسامُ خِدْراً مُشرَّخا

كما تصعد الحبّاتُ مَنْ وطْأة الرحى
رغيفاً، زكتْ في القحط كي تَبْسط الرَّخا

وأغربُ مَنْ أمِّ الأساطير وثبها
إلى كلِّ بيتٍ فوق أبصار ميمِ خا

بكل مكان تغزل الصخرَ أعيناً
وتهمي لتخضرَّ الصحاري وتَنْضَخا

توشّي بساتيناً، تطيلُ سنابلاً
تغنّى الربى شعراً مَنْ الشعر أبْذخا

وتتلو تواريخ الهشائم مذ صبتْ
غصوناً وإذ صارت نثيراً مُشدَّخا

***
تحييّ حقولاً يسردُ الفرنُ عَرفُها
وتُصبي هزاراً للمراعي مؤرِّخا

وتهتف يا ميمون هاأنت إنما
تخيّرتَ أن تخفى قليلاً وترضخا

***
يرى (البقع) فيها وجهه سرب أنجم
وينسى (المخا) في ضوئها أنه المخا

وتغضي لها (صنعا) كإشفاق طيِّعٍ
تلقّى خطاباً مَنْ أبيه موبِّخا

ويحسبها (هِران) ليلةَ قدرهِ
و(ميدي) يُغني تلك جادت لأشمخا

***
يقولُ أحلمٌ هبَّ ينفخ روحها
أأبقى غرورُ الطين للحلم مَنْفخا

أأبقتْ نعال الجند قبل انبلاجها
لعين امرىءٍ مرأىً لشكواه مَصْرَخا

***
سأخبرها ما دلَّها حلمُ حالمٍ
لأنَّ الذي ما مات في عجزه ارتخى

فكم سُلِّخَ الإنسانُ في كلِّ بقعةٍ
ولا مَنْ رأى يوماً سليخاً ومَسْلخا

***
أأنشر يا أمسي غسيِلكَ كلَّهُ
لديها، ولاتبخل بما كان أوسخا

سأشكرها إذْ أقبلتْ في أوانها
وسوف ترى وجهي بخلفي مُلَطَّخا

فتحنو كأمٍّ ثم تفصح أنها
تسمِّي الذي يقوى على المسخ أمسخا

وتسأل: مَنْ ذا اليوم يدعوك شاطئاً
وقد صار هذا البحر كوزاً مُزَرْنَخا

***
أجاءت تزفُّ الطهرَ من بدء بدئه
على الأرض أم تمحو الركامَ المفخَّخا؟

يقولون تجري كالسواقي لتنتمي
إلى الأرض كي تبقى مَنْ الأرض أرسخا

ويحكون أن النسغَ يتلو جبينها
كتاباً لتأريخ الكواليس أنْسخا

وأن لها من سادة الجنِّ حارساً
يُسمى (هَبيدا) ً وهْي تدعوه كَرْبخا

وأن لها زوجاً رزتْ فسخَ عقده
فقال: لماذا تفسخين المفَسَّخا؟
* * *
على عكس مَنْ جاؤوا أتتْ مَنْ أمامها
فما خلفها دهرٌ صبا ضم شيَّخا

ولا في طواياها رمادُ أبوَّةٍ
إذا لامستْهُ ريشةُ البارق انتخى

لأنَّ اسمها ما دار في بال دفترٍ
ولاقيل كم أعطى ولاكيف دوّخا

***
تكرُّ إلى قُدّامها مَنْ قُدومها
فتجتاز في نصف الدقيقة فرسخا

وكي تبلغ الأفكارغايةَ نضجها
ترى أن تشوّيها الرؤوسُ وتطبخا

وكالصبح تغدو لا يرى الصبحُ بينها
وبين إرادات الجماهير برزخا

***
محباتُها لا القول كالتي
دعوْها – اعتياداً – بالعلاقات والإخا

فلا قبلها منها ولا البَعْدُ ناسبٌ
إلى منتماها ما تتالى وأفرخا

أكتوبر 1989م