سباعية الغثيان..الرابع

سباعية الغثيان..الرابع
موقع البردوني - زمان بلا نوعية

ديوان زمان بلا نوعية >  سباعية الغثيان..الرابع

كرأس إلى قدميه ارتحل
كخاتمة، ما لها مستهل
كأعقاب منهزم، وجهه
قفاه، كبدء بلا مقتبل

كعوسجة جذرتها الرياح
كسادسة فوق كف أشل

***
ترى كيف جاءت.. ومن أي أم
وعن أي مضطجع مبتذل؟

وعن أي فعل أمات الردود؟
ومات وما شاهدته انفعل

لأن الذي كالدخان ارتقى
كذاك الذي كالشظايا نزل

***
أمن غير من! وإلى غير أين؟
تبدت بدون، لماذا ، وهل؟

ينقلها فرس من ضباب
ويركبها فارس منتحل

كمملوءة وهي أخلى يدا
وأقلق من سهر المعتقل

يقاتل فيها الفراغ اسمه
وتحكي على ما، وكيف اقتتل

وتخبر عن غير شيء مضى
وعن غير شيء أتى عن عجل

تلملم أمعاءها راية
وتبحث في قيئها عن بطل

تسيس حتى تراب القبور
وتقبر حتى جنين الأمل

تدلي فوائمها كالغسيل
وتنجر كسلى، إلى لا أجل

***
لها قامة العصر، لكن لها
رؤوس كأخفاف (يوم الجمل)

ملامحها فوقنا كالصخور
وتحت نعال الأعادي قبل

***
أجاءت مفاجأة؟ كل شيء
خلا الجو من عكسه محتمل

هل انبت عن جذعها كل جذر؟
أفي الوجه؟ أم في المرايا الخلل؟

***
لماذا أسائل؟ إن الجواب
رهيب يحذرني: لا تسل

لأن عيون المقاهي صقور
لأن القناني خيول الملل

لأن النقيض التقى بالنقيض
ولا يعرف البعد، كيف اتصل

و”دار بن لقمان” باعت “صبيحا”
فجاء الذي منذ ألف رحل

له ساعد من حديد يمد
لقتل الخزامى يدا من بصل

***
فيا (أحمد بن الحسين) انهمر
سوى الدمع ناداك غير الطلل

أغار(الدمستق)؟ بل وامتطى
إلى ظهرنا وجهنا وانتعل

***
سوى الروم روم، وروم أتوا
كعهدك رغم اختلاف العلل

أتعرفهم؟ أنهم من رأيت
وإن غيروا خيلهم، والخول

و(عبد الخنى) نفس عبد الخنى
وإن عصرن الشكل واسم الحلل

و(كيسنجر) اليوم نخاسه
لأن النخاسة صارت دول

***
وأحفاد (ضبة) أضحت لهم
جلالات ملك وجهل أجل

وحين يسود الغباء الثري
تكون العاملات، أجدى عمل

***
ممالكنا اليوم قامت على
ذيول العصا لا رؤوس الأسل

ورغم العصا لا تقول الجمع
– كأجدادها- (الخير فيما حصل)

***
ورغم “الكوافير” لا أنطفي
لعل احتراقي يذيب الفشل

أما كل جار أتى كي يجيء
سواه.. لكل بديل بدل

***
أنا ضد تيار هذا الركام
أعوم إلى شاطىء من شعل

وأدري، وأدري بأني إليه
أخوض دمي، والردى والوحل

وفوق فمي أرجل الآخرين
وفوق قذالي قبور الأول

لأني أبلبل نوم الجدار
أغني بمن لقبوهم همل

ولكنني لا أمل العناد
لأن التماوت موت أمل

وأعرف أني وحيد، وحولي
كهوف من الروم حمر المقل

***
وأني على نصف رأسي أطير
إلى الحتف، والقتل يمشي المهل

وتحت زواق التأني يجد
ويلهيك عن جده بالهزل

حقائبه ناهدات يشرن
سكاكينه أعين من عسل

***
خفي الخطى قتل هذا الزمان
بعيد المدى، عالمي الحيل

وغير مخيف لأن يديه
إلى القلب يستبقان الوجل

لأن سباعية القيء، لا ترى وجهها
كيف تندى خجل؟

أتدري خطاها وما حولها؟
بها عن سواها وعنها كسل

لأن ثمانية تستجد…
ودور القديمة لما يزل

***
لهذا أغامر، أبدو غريباً
على العرف كالمولد المرتجل

وأعرف كيف يرى الهول من
على الموت من كل ثقب دخل

وأعلم أن جزاء الخطار
كثير كثير وأني أقل

***
ولكن أموت، لأندى جذوراً
وأمتد بناً، كروماً، جبل

سدوداً، عيوناً سهيلية
ضحى، في رماد الثريا اغتسل

***
لأني بدون محل أمد
رفاتي لكل حصاة محل

وأنبت في (قاع جهران) قمحاً
وأزرعني ذرة في ( الوشل)

هنا ارتخي نسمات، هناك
خريفاً (لك الخير يا من أكل)

وأمطر قبل (ليالي سهيل)
وأعلب قبل (ليالي ثجل)

أحول فصولاً مكان الفصول
يرى العقم كيف طفور الحبل

وأسقي (حميد بن منصور) من
أباريق (سحلول) نار الزجل

وأستنبت (الشبثي) مشمشاً
وأخضر في شفتيه مثل

… لتلقى بكارة هذا التراب
أنوثتها واحمرار الغزل

***
هناك أدل على أن لي
بلاداً، شذاها علي أدل

فلا مات من مات مثل البذور
ولا عاش من مات موت الحمل

مارس 1977م