حوارية الرصيف “ج”

حوارية الرصيف “ج”
موقع البردوني - كائنات الشوق الآخر

ديوان كائنات الشوق الآخر >  حوارية الرصيف “ج”

يمضي لفيف.. ويليه لفيف
وأنت ثاوٍ ها هنا يا رصيف

تستعرض الأطوار مستنكراً
ومبدياً صبر الحياد الحصيف

تستقرىء الأقدام هل أنت من
قراءة الأوجاع مضنىً أسيف

* * *

– أنوء بالعبء المضاف الذي
يضيف يومياً إليه رديف

كيف ترى الأحزان من تحتها؟
كما يرى بالسمع قلب الكفيف

أشم قلب السوق من ساقه
أعي لنيات المواني صريف

أحس ما تطوي كواليسهم
يلوح لي كل قناع خفيف

أعيا.. لماذا.. تلك ملأى، وذي
جوعى.. وذا فخم.. وهذا نحيف

هذي كشيخ ما له لحية
هذا كأنثى ذات ذقنٍ نتيف

ذاك الذي يقتاد سيارة
مثل الذي يستاق جحشاً عجيف

أتلو نزيفاً ذاهباً عائداً
إلى متى أتلو كتاباً نزيف؟

من أين تأتي كل هذه الخطى؟
من أين يعلو كل هذا العزيف؟

* * *

من حيث لا تدري مرايا الضحى
ولا تجاعيد المساء الشفيف

يشقيك رعب نابغي وما
شببت يوماً بسقوط النصيف!

* * *

على سرير من دمي أرتمي
والدمع من قلبي إليه ذريف

أنوح صمتاً.. أرهف السمع، لا
يحس إنصاتي لخقتي هفيف

* * *

من طينة البؤس وأحجاره
نشأت للعانين أوفى حليف

تريد تمشي مثلهم؟ إنني
أقوى على حمل الزحام الكثيف

كل الذي فوقي شبيهي فلو
أصبحت ذا رجلين ماذا أضيف؟!

أود أني فوق ” لحج” ندى
أو أنني نهر ببيت ” الذفيف”

أريد وضعاً ثانياً إنما
رأسي إلى عرقوب رجلي كتيف

* * *

من ذا تنادي ها هنا؟ هل دنا
من خلف هذا الجدب فصل وريف؟!

ألا ترى أولئك الشقر كم
أدموا جنى صيفٍ وأضموا خريف!

لأنهم يحوون أعتى القوى
ويملك العجز الضمير العفيف!

* * *

هل تكره الاغراب؟: فتش معي
أقدامهم، عن لون وجهي الأليف

كانوا فرادى فنموا.. كم أتت
أعتى رياح من نسيم لطيف

هاتيك صهيونية زوجها
– كما تسميه- “كإدوارد” هيف

أزواج (نيكا) تسعة، أختها
لها إلى العشرين كلب وصيف

يمشون مثل الناس.. لكن أرى
قلوبهم في كل قلبٍ ” كنيف”

تقيأ الدولار فيهم لكي
يعاكسوا كل مرامٍ شريف

يردون أنقى الناس كي يأمنوا
وكي يجودوا.. يقتلون الرغيف

يبنون مستشفىً لكي يفتحوا
مليون قبرٍ.. أي غزوٍ طريف؟!

جاؤوا يضحون بأهل الحمى
وهم ضحايا كل قصرٍ منيف

هل جرمهم يعزى لأسيادهم؟:
تقبلوا تكليفهم.. يا سخيف!!

هم قرروا، أسيادهم دبروا
للعنف طابوراً خبيراً عنيف!

عدوان (بيجن) قلب (ريجن)كما
أن هوى (المنصور) شدقا ( سديف)

* * *

هل أدمن الشعب العدا أو سها
عنهم فأمسى الضيف، وهو المضيف؟!

قل: ظنهم جاؤوا لتطويره
فما تبدى خائفاً أو مخيف

ألا تراهم طوروا؟: طوروا..
لكن سوى المجدي وغير النظيف!!

قد كنت ثوراً حارثاً ناطحاً
وحين جاؤوا صرت كبشاً عليف

تظنهم رقوك؟ لكن إلى
أدنى.. أتدعوه سقوطاً ظريف

* * *

اليوم نفط (الجوف) ناداهم
وهل دعاهم أمس ملح (الصليف)؟ !

جاؤوا بلا داعٍ بلا دعوةٍ
هم المنادى والمنادي اللهيف!!

* * *

أنسوا رؤى (صنعا) بساتينها
نفوا عن الريف الشذى والرفيف

حلوا محل الأرض.. طالوا.. خصوا
في كل برقٍ شهوات الوكيف

تأسمتت كل المجاني هنا
أضحى (ونيتاً) (ريم وادي ثقيف)

لأنهم – كي يفرخوا- أوطنوا
فحيح أيديهم مكان الحفيف

* * *

هل هذه يا صاحبي حالة
لها نقيض؟.. ليس حدسي رهيف

أخاف أن يرقوا إلى أن يروا
إنزال قرص الشمس جهداً طفيف

لكن لماذا يبطىء المرتجى؟
لأن عكس الشوق يأتي زهيف!

* * *

الدهر أدوار.. أتدري متى
سيضعف الأقوى ليقوى الضعيف؟:

أنت الذي رددت: بعد الشتا
صيف، ولكن كيف أشتى المصيف؟!

الآن، قل لي أنت: ماذا يلي
هذا؟ ألا تدري بأني رصيف؟!

* * *

1983م