الضباب.. وشمس هذا الزمان

الضباب.. وشمس هذا الزمان
موقع البردوني - وجوه دخانية في مرايا الليل

ديوان وجوه دخانية في مرايا الليل >  الضباب.. وشمس هذا الزمان

يشتهي الصمت، أن يبوح فينسى
ينتوي أن يرق، يمتد أقسى

ينزوي خلف ركبتيه، كحبلى
يرعش الطلق بطنها، وهي نعسى

أي شيء تسر يا صمت؟ تعلو
وجهه صخرتان، شهثا وملسا

ربما لا يحس، أو ليس يدي
وهو يغلي بالحس، ماذا أحسا

* * *
تشرئب الثقوب، مثل أكف
فاقدات البنان، تشتاق لمسا

ينبس العشب، بالسؤال كطفل
يتهجى قحط الضاعة درسا

قبل أن تبزغ البراعيم، ترمي
لفتات، تخاف لمحاً وهجساً

يحذر الميت رمسه، وجنين
قاذف وجهه، إلى المهد رمسا

* * *
ما الذي يستجد؟ لا شيء يجدي
كل شيء، يبيع وجهيه بخسا

وجهك الداخلي، لعينيك منفى
وجهك الخارجي، لرجليك مرسى

أنت مثلي، بيني وبيني جدار
وجدار بيني، وبينك أجسى

أصبحت (عامر) جواداً (لروما)
وجلوداً سمراً، يخبئن (فرسا)

بعد (باذان) جاء باذان ثان
(عبدري) سبا (يريما) و(عنسا)

كان يسطو (جنبول) ثم توارى
وانتفى باسمه (لذيبان) (عبسا)

ما الذي يستجد؟ تنوي بروق
تنهمي تنثني، من الخوف نفسا

* * *
يمتطي نفسه الضباب، ويأتي
كالمسجى، يلقن الصمت همسا

يجتوي كل معبر، يتلوى
في عيون الكوى، رؤى جد خرسا

* * *
يحتذي ساعديه، عينيه يهوي
خاسئاً يرتقي، أحط وأخسى

كجدار ينهار، فوق جدار
كغبار، يستنزف الريح جنسا

يتبدى، عليه جلد الصحاري
وطلاء، تشم فيه، (فرنسا)

وركام من التلاوين، حتى
لا يبقى لأي (حرباء) لبسا

كجراد له حوافير خيل
كملاه، من بولها تتحسا…

* * *
صمت ما الوقت؟ لا أرى ما أسمي
لا الصباح ابتدى ولا الليل أمسى

لم يعد – يا ضباب – للوقت وقت
والمكان انمحى؟ على الريح أرسى

أني يا ضباب، أسمع شيئاً
اسمه موطني، يغني ويأسى

ملء هذا الرحاب يمتد يرمي
عنه نفساً، ويبتدي منه نفسا

ذاك وادي (عسى) نعم كان يوماً
وتخطى وادي (عسى) من تعسى

أتراه؟ يحر، يرنو بعيداً
ومناه تجتاز، عينيه حدسا

ما الذي؟ لا تحسه ! كيف تدري؟
ومتى كنت؟ أنت تملك حسا

* * *
أترى هذه العيون الدوامي
تحت رجليك؟ سوف تنبت شمسا

شمس هذا الزمان، من تحت تبدو
ثم تعلو، تفجر الموت عرسا